ببنطلون وقميص رجالي في محل صغير لبيع الأدوات الصحية في بابا الخلق، تقف الأسطى سهام مغازي-54 عاما- والتي يعرفها الناس بـ"أم باسم"، أما شهرتها فاكتسبتها بينهم لأنها أول سباكة في مصر!
تركت عملها في البنك لتحترف مهنة السباكة، وبدأت عملها بعد تدريب على هذه المهنة في مشروع أغاخان للقضاء على البطالة، لتحتل فيه المركز الأول بتقدير امتياز، وتحصل على شهادة معتمدة من وزارة التربية والتعليم لممارسة مهنة السباكة، ورغم رفض أولادها لعملها، إلا أن تصر على مهنتها التي تحبها..
سبع صنايعأم باسم، حاصلة على دبلوم تجارة عام 1972، وعملت بالفرع الرئيسي لبنك مصر داخل قسم الأمانات، ثم سافرت إلى الكويت لمدة 10 سنوات، عملت خلالها سكرتيرة في شركة كبرى للسيارات، ثم عادت إلى مصر عام 1989 لعمل مشروع لتعيش منه وأبنائها الثلاثة خاصة بعد انفصالها عن زوجها، واشتركت في مشروع مواد غذائية ولكنها تعرضت لعملية نصب وضاعت أموالها، فبدأت تبحث عن عمل يدوى خاصة أنها لم تحصل على شهادات خبرة من الأماكن التي كانت تعمل بها، فاتجهت للعمل كوافيره ثم مكوجي بالبخار!.
ثم كانت السباكة مهنتها التي استقرت بها، تقول أم باسم: "دخولي عالم السباكة كان بالصدفة، حيث سمعت عن وجود دورة (تفصيل) في مشروع أغاخان للقضاء على البطالة في منطقة الدرب الأحمر، برعاية وزارة التربية والتعليم وألمانيا وفرنسا وشركة أغاخان والإتحاد الأمريكي الفرنسي.
ولكنني وجدت أن موعدها سيتأخر في الوقت الذي ستبدأ فيه دورة (السباكة)، فطلبت من المسئولين الالتحاق بها ولكنهم رفضوا مشاركة السيدات، ومع إصراري وحماسي تم فتح الباب للسيدات للتقدم، وبالفعل تقدمت معي 11 سيدة، وحصلنا على بدل شهري 300 جنيه، ولكن بعد فترة قصيرة تركت جميع السيدات الدورة وبقيت وحدي مع الرجال".
في التدريبعند بدء ورش التدريب العملي كانت أم باسم سعيدة خاصة عندما استلمت شنطة الشغل، و"اليونيفورم" المكون من أفارول"العفريتة" والكوزلوك "بوت بلاستيك" والخوذة ونظارة زجاجية وجوانتي.
أما أول عمل قامت به من خلال التدريب فكان تركيب قلب خلاط وشطاف، وحصلت من الزبونة على 10 جنيهات كانت سعيدة جدا بها.
وأثناء التدريب طلبت من جارها صاحب ورشة الأدوات الصحية في باب الخلق العمل لديه للتعرف على جميع العدد ومقاساتها وأنواعها، لتكتمل خبرتها عندما تواجهها أي مشكلة.
أما أصعب موقف واجهها وقت التدريب، فتحدثنا عنه قائلة: "كنت أقوم بإصلاح قاعدة تواليت بمنزل بالقرب من ضريح سعد زغلول وقمت بتركيب كل شيء في مكانه الصحيح ولكنى فوجئت بحدوث تسريب للمياه من القاعدة وحاولت إصلاحه وفشلت وبدأت صاحبة المنزل في إهانتي، فحاولت الاتصال بزملائي، إلا أنهم رفضوا مساعدتي وأخيرا اتصلت بأحد المهندسين وعرفت منه مكان الخطأ وقمت على الفور بإصلاحه، أما الآن وبعد اجتيازي الدورة بامتياز فلم تعد تقابلني أي صعوبة في العمل.
رفض الأبناءرفض أبنائي فكرة التدريب من البداية حتى أن ابنتي كانت تبكى ليلا ونهارا لأنها طالبة جامعية، ورفضوا مساعدتي في النظري، ولكن أختي كانت تشجعني وقام ابنها بمساعدتي في فهم الدراسة النظرية.
وبعد نجاحي في الدورة بامتياز شعر أبنائي بالسعادة من أجلي، حتى أنني أدرب حفيدتي على مبادئ السباكة التي تعلمتها في الدورة، وأتمنى الآن الحصول على دورة أخرى لرفع المستوى والتعرف على تركيب السخان والخزان من الداخل، لأصبح سباكة مصر الوحيدة باقتدار.
* شاهد أم باسم وهي تقوم بإصلاح الحوض: