تفسير سورة محمد
افتتحت سورة القتال بهذا الذم الشديد للكافرين ، وبهذا الثناء العظيم على المؤمنين .
افتتحت بقوله - سبحانه - : { الذين كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ والذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات وَآمَنُواْ بِمَا نُزِّلَ على مُحَمَّدٍ وَهُوَ الحق مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ } .
وقوله : { الذين كَفَرُواْ } . . مبتدأ ، خبره قوله - سبحانه - { أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ } .
والمراد بهم كفار قريش ، الذين أعرضوا عن الحق وحرضوا غيرهم على الإِعراض عنه .
فقوله : { صَدُّواْ } من الصد بمعنى المنع ، والمفعول محذوف .
وقوله : { أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ } أى : أبطلها وأحبطها وجعلها ضائعة ذاهبة لا أثر لها ولا وجود ، والمراد بهذه الأعمال : ما كانوا يعملونه فى الدنيا من عمل حسن ، كإِكرام الضيف ، وبرد الوالدين ، ومساعدة المحتاج . أى : الذين كفروا بالله - تعالى - وبكل ما يجب الإِيمان به ، ومنعوا غيرهم من اتباع الدين الحق الذى أمر الله - تعالى - باتباعه { أَضَلَّ } - .
سبحانه - أعمالهم ، بأن جعلها ذاهبة ضائعة غير مقبولة عنده . كما قال - تعالى - : { وَقَدِمْنَآ إلى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً } قال صاحب الكشاف : { أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ } أى : أبطلها وأحبطها : وحقيقته ، جعلها ضالة ضائعة ليس لها من يتقبلها ويثيب عليها ، كالضالة من الإِبل ، التى هى مضيعة لا رب لها يحفظها ويعنى بأمرها ، أو جعلها ضالة فى كفرهم وعاصيهم ، ومغلوبة بها ، كما يضل الماء اللبن . وأعمالهم ما كانوا يعلمونه فى كفرهم بما يسمونه مكارم : من صلة الأرحام ، وفك الأسرى .
وقيل : أبطل ما عملواه من الكيد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - والصد عن سبيل الله ، بأن نصره عليهم وأظهر دينه على الدين كله .
ثم بين - سبحانه - بعد ذلك ما أعده للمؤمنين من ثواب فقال : { والذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ } الأعمال { الصالحات } التى توافر فيها الإِخلاص والاتباع لهدى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقوله : { وَآمَنُواْ بِمَا نُزِّلَ على مُحَمَّدٍ } من باب عطف الخاص على العام ، فقد أفرده بالذكر مع أنه داخل فى الإِيمان والعمل الصالح ، للإِشارة إلى أنه شرط فى صحة الإِيمان ، وللإِشعار بسمو مكانه هذا المنزل عليه - صلى الله عليه وسلم - وبعلو قدره .
وقوله : { وَهُوَ الحق مِن رَّبِّهِمْ } جملة معترضة ، لتأكيد حقية هذا المنزل على النبى - صلى الله عليه وسلم - وتقرير كماله وصدقه . أى : وهذا المنزل على الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو الحق الكائن من عند الله - تعالى - رب العالمين ، لا من عند أحد سواه .
وقوله : { كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ } خبر الموصول ، أى : والذين آمنا وعملوا الأعمال الصالحة ، محا عنهم - سبحانه - ما عملوه من أعمال سيئة ، ولم يعاقبهم عليها ، فضلا منه وكرما .
فقوله : { كَفَّرَ } من الكَفْرِ بمعنى الستر والتغطية ، يقال : كفر الزراع زرعه إذا غطاه ، وستره حماية له مما يضره . به هنا : المحو والإِزالة على سبيل المجاز .
وقوله : { وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ } معطوف على ما قبله . أى : محا عنهم بسبب إيمانهم وعملهم الصالح ، ما اقترفوه من سيئات ، كما قال - تعالى - : { إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات } ولم يكتف - سبحانه - بذلك ، بل وأصلح أحوالهم وأمورهم وشئونهم ، بأن وفقهم للتوبة الصادقة فى الدنيا ، وبأن منحهم الثواب الجزيل فى الآخرة .
فالمراد بالبال هنا : الحال والأمر والشأن .
قال القرطبى : والبال كالمصدر ، ولا يعرف منه فعل ، ولا تجمعه العرب إلا فى ضرورة الشعر ، فيقولون فيه بالات . .
وهذه الجملة الكريمة وهى قوله : { وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ } نعمة عظمى لا يحس بها إلا من وهبه الله - تعالى - إياها ، فإن خزائن الأرض لا تنفع صاحبها إذا كان مشتت القلب ، ممزق النفس ، مضطرب المشاعر والأحوال . أما الذى ينفعه فهو راحة البان . وطمأنينة النفس ، ورضا القلب ، والشعور بالأمان والسلام .
والإِشارة فى قوله : { ذَلِكَ بِأَنَّ الذين كَفَرُواْ اتبعوا الباطل } تعود إلى ما مر من ذم الكافرين ، ومدح المؤمنين .
أى : ذلك الذين حكمنا به من ضلال أعمال الكافرين ، ومن إصلاح بال المؤمنين ، سببه أن الذين كفروا ابتعوا فى دنياهم الطريق الباطل الذى لا خير فيه ولا فلاح . وأن الذين آمنوا وعملوا الأعمال الصالحاة فى دنياهم ، اتبعوا طريق الحق الكائن من ربهم .
فالمراد بالباطل هنا . الكفر وما يتبعه من أعمال قبيحة ، والمراد بالحق : الإِيمان والعمل الصالح .
وقوله { ذَلِكَ } مبتدأ ، وخبره ما بعده .
وقوله : { كَذَلِكَ يَضْرِبُ الله لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ } أى : مثل ذلك البيان الرائع الحكيم ، يبين الله - تعالى - : للناس أحوال الفريقين ، وأوصافهما الجارية فى الغرابة مجرى الأمثال ، وهى اتباعُ المؤمنين الحقَّ وفوزُهم ، واتباعُ الكافرين الباطَل وخسرانهم .
قال صاحب الكشاف : فإن قلت : أين ضرب الأمثال؟ قلت : فى جعل اتباع الباطل مثلا لعمل الكفار ، واتباع الحق مثلا لعلم المؤمنين ، أو فى أن جعل الإِضلال مثلا لخيبة الكفار ، وتكفير السيئات مثلا لفوز المؤمنين .
ثم أرشد الله - تعالى - : المؤمنين إلى ما يجب عليهم فعله عند لقائهم لأعدائهم ، وبعد انتصارهم عليهم ، كما بين لهم الحكمة مشروعية القتال . والجزاء الحسن الذى أعده للمجاهدين ، فقال - تعالى - : { فَإِذَا لَقِيتُمُ الذين . . . عَرَّفَهَا لَهُمْ } .
والفاء فى قوله - تعالى - : { فَإِذَا لَقِيتُمُ } لترتيب ما بعدها من إرشاد المؤمنين إلى ما يجب عليهم فعله عند قتل أعدائهم ، على ما قبلها وهو بيان حال الكفار .
فالمراد باللقاء هنا : القتال لا مجرد اللقاء والرؤية . كما أن المراد بالذين كفروا هنا المشركون وكل من كان على شاكلتهم ممن ليس بيننا وبينهم عهد بل بيننا وبينهم حرب وقتال .
وقوله - سبحانه - : { فَضَرْبَ الرقاب } أمر للمؤمنين بما يجب فعله عند لقائهم لأعدائهم . وقوله : { فَضَرْبَ } منصوب على أنه مصدر لفعل محذوف . أى : فإذا كان حال الذين كفروا كما ذكرت لكم من إحباط أعمالهم بسبب اتباعهم الباطل وإعراضهم عن الحق ، فإذا لقيتموهم للقتال ، فلا تأخذكم بهم رأفة ، بل اضربوا رقابهم ضربا شديدا .
والتعبير عن القتل بقوله : { فَضَرْبَ الرقاب } ، لتصويره فى أفظع صوره . ولتهويل أمر القتال ، ولإِرشاد المؤمنين إلى ما يجب عليهم فعله .
قال صاحب الكشاف : قوله : { لَقِيتُمُ } من اللقاء وهو الحرب { فَضَرْبَ الرقاب } أصله : فاضرب الرقاب ضربا ، فحذف الفعل وقدم المصدر ، فأنيب منابه مضافا إلى المفعول ، وفيه اختصار مع إعطاء معنى التوكيد ، لأنك تذكر المصدر ، وتدل على الفعل بالنصبة التى فيه .
وضرب الرقاب : عبارة عن القتل . . وذلك أن قتل الإِنسان أكثر ما يكون بضرب رقبته ، فوقع عبارة عن القتل ، وإن ضرب بغير رقبته من المقاتل .
على أن فى هذه العبارة من الغلظة والشدة ، ما ليس سفى لفظ القتل ، لما فيها من تصوير القتل بأشنع صورة ، وهو حز العنق ، وإطارة العضو الذى هو رأس البدن .
وقوله - سبحانه - : { حتى إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّواْ الوثاق } بيان لما يكون من المؤمنين بعد مثل حركة أعدائهم ، وإنزال الهزيمة بهم .
وقوله : { أَثْخَنتُمُوهُمْ } من الإِثخان بمعنى كثرة الجراح ، مأخوذ من الشئ الثخين ، أى : الغليظ ، يقال : أثخن الجيش فى عدوه ، إذا بالغ فى إنزاله الجراحة الشديدة به ، حتى أضعفه وأزال قوته .
والوثاق - بفتح الواو وكسرها - اسم الشئ الى يوثق به الأسير كالرباط أى : عند لقائكم - أيها المؤمنون - لأعدائكم ، فاضربوا أعناقكم ، فإذا ما تغلتم عليهم وقهرتموهم ، وأنزلتم بهم الجراح التى تجعلهم عاجزين عن مقاومتكم ، فأحكموا قيد من أسرتموه منهم ، حتى لا يستطيع التفلت أو الهرب منكم .
وقوله - سبحانه - { فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً } إرشاد لما يفعلونه بعد ذلك .
والمن : الإِطلاق بغير عوض ، يقال : مَّن فلان على فلان إذا أنعم عليه بدون مقابل .
والفداء : ما يقدمه الأسير من أموال أو غيرها لكى يفتدى بها نفسه من الأسر .
وقوله : { مَنًّا } و { فِدَآءً } منصوبان على المصدرية بفعل محذوف : أى : فإما تمنون عليهم بعد السر منا بأن تطلقوا سراحهم بدون مقابل ، وإما أن تفدوا فداء بأن تأخذوا منهم فدية فى مقابل إطلاق سراحهم .
قوله - سبحانه - { حتى تَضَعَ الحرب أَوْزَارَهَا } غاية لهذه الأوامر والإِرشادات .
وأوزار الحرب : آلاتها وأثقالها الى لا تقوم إلا بها ، كالسلاح وما يشبه .
قال الشاعر :
وأعددتَ للحرب أوزارها ... رماحا طوالاً وخيلا ذكورا
أى : افعلوا بهم ما أمرناكم بفعله ، واستمروا على ذلك حتى تنتهى الحرب التى بينكم وبين أعدئاكم بهزيمتهم وانتصارهم عليهم .
وسميت آلات الحرب وأحمالها بالأوزار ، لأن الحرب لما كانت لا تقوم إلا بها ، فكأنها تحملها وتستقل بها ، فإذا انقضت الحرب فكأنها وضعت أحمالها وانفصلت عنها .
ثم بين - سبحانه - الحكمة من مشروعية قتال الأعداء ، مع أنه - سبحانه - قادر على إهلاك هؤلاء الأعداء ، فقال : { ذَلِكَ وَلَوْ يَشَآءُ اللَّهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ ولكن لِّيَبْلُوَاْ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ } .
واسم الإِشارة : خبر لمبتدأ محذوف ، أى : الأمر ذلك ، أو فى محل نصب على المفعولية بفعل محذوف ، أى : افعلوا ذلك الذى أمرناكم به وأرشدناكم إليه واعلموا أنه - سبحانه - لو يشاء الانتصار من هؤلاء الكافرين والانتقام منهم لفعل ، أى : لو يشاء إهلاكهم لأهلكم ، ولكنه - سبحانه - لم يفعل ذلك بل أمركم بمحاربتهم ليختبر بعضكم ببعض ، فيتميز عن طريق هذا الاختبار والامتحان ، قوى الإِيمان من ضعيفه . كما قال - تعالى - : { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حتى نَعْلَمَ المجاهدين مِنكُمْ والصابرين وَنَبْلُوَاْ أَخْبَارَكُمْ } ثم بين - سبحانه - بعد ذلك ما أعده للمجاهدين من ثواب عظيم فقال : { والذين قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ الله } أى : والذين استشهدوا وهم يقاتلون من أجل إعلاء كلمة الله .
{ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ } أى : فلن يضيع أعمالهم ولن يبطلها .
بل { سَيَهْدِيهِمْ } أى : بل سيوصلهم إلى طريق السعادة والفلاح .
{ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ } أى : ويصلح أحوالهم وشئونهم وقلوبهم .
{ وَيُدْخِلُهُمُ الجنة عَرَّفَهَا لَهُمْ } أى : ويدخلهم بعد كل ذلك الجنة يوم القيامة ويهديهم إلى بيوتهم ومساكنهم فيها ، بحيث لا يخطئونهأ ، حتى لكأنهم يقيمون فيها منذ خلقوا ، وذلك كله بإلهام من الله - تعالى - : لهم .
قال الآلوسى ما ملخصه : { عَرَّفَهَا لَهُمْ } هذا التعريف فى الآخرة . قال مجاهد : يهدى أهل الجنة إلى بيوتهم ومساكنهم ، وحيث قسم الله - تعالى - لهم منها ، لا يخطئون كأنهم ساكنوها منذ خلقوا . . . وذلك بإلهام منه - عز وجل - .
وورد فى بعض الآثار أن حسناته تكون دليلا له على منزلته فيها ، وقيل : إنه - تعالى - : رسم على كل منزل اسم صاحبه وهو نوع من التعريف .
وقيل : معنى عرفها لهم . طيبها لهم منا لعرف وهو الرائحة الطيبة ، ومنه طعام معرف ، أى مطيب .
وعن الجبائى أن التعريف فى الدنيا ، وهو يذكر أوصافها ، والمراد أنه - سبحانه - لم يزل يمدحها لهم ، حتى عشقوها ، فاجتهدوا فى فعل ما يوصلهم إليها . .
هذا ومن الأحكام التى أخذها العلماء من هذه الآيات ما يأتى :
1- وجوب قتال الكافرين بكل شدة وقوة ، حتى تضعف شوكتهم ، وتدول دولتهم ، ويخضعوا لحكم شريعة الإِسلام فيهم .
وفى هذه المعنى وردت آيات كثيرة ، منها قوله - تعالى - : { ياأيها النبي جَاهِدِ الكفار والمنافقين واغلظ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المصير } 2- أخذ بعض العلماء من قوله - تعالى - : { فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً حتى تَضَعَ الحرب أَوْزَارَهَا } أن السير من الأعداء يدور أمره بين هاتين الحالتين إما أن نطلق سراحه بدون مقابل ، وإما أن نطلق سراحه فى مقابل فدية معينة نأخذها منه ، وقد تكون هذه الفدية مالا ، أو عملا ، أو غير ذلك مما فيه منفعة للمسلمين .
ويرى بعض العلماء أن هذه الآية منسوخة بقوله - تعالى - : { فَإِذَا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ واحصروهم واقعدوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ } ويرى المحققون من العلماء أن هذه الآية ، وهى قوله - تعالى - : { فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً } . تحكى حالات معينة يكون امر الأسرى فيها دائرا بين المن والفداء ، لأنهما من مصلحة المسلمين ، وهناك حالات أخرى يكون الأصلح فيها قتل الأعداء ، أو استرقاقهم .
فمسألة الأسرى من الأعداء ، يكون الحكم فيها على حسب ما تقتضيه مصلحة المسلمين ، ومرجع الحكم فيها إلى البصراء بالحرب وبوضع خططها ، لأنهم أعرف الناس بكيفة معاملة الأسرى .
وهذا الرأى الأخير هو الذى تطمئن إليه النفس ، لأنه الثابت من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن أفعاله أصحابه ، ولأن ذكر المن والفداء لا ينافى جواز غيره كالقتل - مثلا - لأن هذا الغير مفهوم من آيات أخرى ذكرت هذا الحكم فى أوقات وحالات معينة .
وقد رجح هذا الرأى كثير من العلماء ، منهم الإِمام ابن جرير ، فقد قال ما ملخصه - بعد أن ساق جملة من الأقوال - : والصواب من القول عندنا فى ذلك ، أن هذه الآية محكم غير منسوخة لأنه غير مستنكر أن يكون جعل الخيار من المن والقتل والفداء إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم وإلى القائمين بعده بأمر الأمة . وإن لم يكن القتل مذكورا فى هذه الآية ، لأنه قد أذن - سبحانه - بقتلهم فى آيات أخرى منها { فاقتلوا المشركين حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ } وقد فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - كل ذلك ، مع الأسرى ففى بدر قتل عقبة بن أبى معيط . وأخذ الفداء من غيره . . ومَنَّ على ثمامة بن أثال الحنفى وهو أسير فى يده .
وقال القرطبى - بعد أن ذكر أربعة أقوال - : الخامس : أن الآية محكمة ، والإِمام مخير فى كل حال .
وبهذا قال كثير من العلماء منهم : ابن عمر ، والحسن وعطاء ، وهو مذهب مالك والشافعى والثورى والأوزاعى . . وغيرهم ، وهو الاختيار؛ لأن النبى - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدين فعلوا كل ذلك .